Monthly Archives: April 2019

في قلبي حجرة ليافا


ليس لقائي بيافا هو يوم عادي……ولا يشبه اي موعد استقيظ صباحاً لاقرأه في اجندتي اليومية…..في يومي هذا….اسبق روتيني وجدولي وتبدأ شحنات الطاقة والحب والشغف منذ أول لحظة ابصرت فيها النور….فعليّ أن اكون على درجة عالية من الرتابة للقاء يافا…..علي ان اكون على قدر المسؤولية لاتنفس سحرها….وعلي ان اكون قوية لاواجه واقعها……
وهل انا فعلا استحق ان اسمي ابنتي يافا….هل اعرف ما يكفي من قصصها….تاريخها….مدها وجزرها…..هل ستحمل اسمها ام هو من سيحملها؟…..فكيف ستكون ابنتي يافا!؟؟ ايحق لي ان اعيش حلمي؟…..حتى لو لم تخلق يافا او حتى لو لم اعرف من سيكون والد يافا بعد؟فهي حبي وأملي تتربع في حجرة قلبي…رسالتي وقوتي وصوتي وايقاعي….وطموحي وشغفي…ستحفر مكانها في العالم ليكتبها التاريخ كما كتب يافا
يافا2

اتخيلها كثيراً واراها في وجوه الاطفال وبرائتهم….اتوق لاناديها واحضنها واهديها كل ما فيّ….استطعت ان ارى ملامحها خلال اخر زيارة لي ليافا…..حبيبتي ستكون حنونة تحتضنني كما تحتضن يافا البحر وأهلها…..جبارة، مجنونة كأمواجها لازالت تحمل غضب وقهر أهلها ولا تسكن الا اذا ناديتها باسمها……يافا…..عربياً قوياً فتأمن وتهدأ وتنظرك….لن تقوى على الصمود في عينيها ففيها حدة البحر والشجر والحجر يلتقيان في صورة تتجلى في مطلة يافا….مأذنة مسجد تقف شامخة تروي صمود اهلها…..ترى منها الحاضر والماضي ….فقد صلى اهلها هنا قبل ان يسحبهم طوفان الاحتلال ويبقيهم في حسرة …..ترويها وتبكيها عيون السبيل حول مساجدها….فيشربها المارة لتسكنهم ويسكونوها…..تسحرهم فلا ينسونها……شعرها أصفر برتقالي بلون حمضيات يافا والتي باتت ذكرى فلا تراها الا قليلا وتواسيك نسمات الهواء برائحتها لتذكرك وتهديك لحظة صفاء تعيدك لما قبل النكبة وابعد….

اسيكون شعرها أملس كرملها تبعثره اقدام الاطفال وهم يلعبون على الشاطئ تحمل ضحكاتهم سفنها لبقاع الارض كافة….فمنهم يرى البحر لاول مرة فتكسر ضحكاته حدود السماء وفي قلوبهم طاقة تشق البحر ليغرقوا فيه دموع أهاليهم وحسرتهم و يرسمون خارطة فلسطين بعرض البحر….ليأتيهم طفل اخر لايدري كيف جائته الظروف هنا يلبس قبعة لتقيه حرقة الشمس فلا ينتمي لاي مكان ولا يرى حوله الا طغيان فيعيش لحظاته بسذاجة يمشي على خطى أبويه يهدم قصوراً رملية غير مكترث بساكينيها وتاريخها فلا قلبه يعرف قوة السماء وقد تعود على كتابة تاريخه من وحي والمكان وهو الغلاب في هذا الزمان…..

وقد يكون شعرها اشعث كشجرها ونباتها يتدلى من شبابيكها وشرفاتها ملتف على نفسه كالجدائل تتخلله الورود الملونة تروي قصة عشق يافا كومضات أمل تبصرها في كل مكان…..بشرتها بيضاء رملية كحجار بنايات يافا العتيقة متراص بقوة يحافظ على ما تبقى منه….شفتيها مرسومة بخط عربي  كتلك الحروف العربية التي زينت بناياتها

9888770d-a1e3-47b1-9356-91053c58d59d.jpg

ستكون ابنتي متمردة بقوة نداء الصلاة في ساحات يافا….صوت يعلوا فوق صوت خفقان قلبي….”الله أكبر” تداعب اجراس كنائسها وليشكلان قوة هزت كيان زائريها وأهلها…..بين انعكاسات التهويد وافواج الزوار من الغرب والشرق…..وكأنهما لايشبهان أي نداء للصلاة…وكأنهما نداء شوق وحب لأهل يافا….نداء حنين وعشق….دافئ كأشعة الشمس….جاء يواسيني فمنذ وطئتها ومشيت خطواتي الاولى….اناظرها واحيها…..سرعان ما ضقت واختنقت كلما رأيت زاوية لا تحمل اسماً عربياً وبيت لا يسكنه فلسطينياً ووجوه تختلف ملامحها وثقافاتها….وفي قلبي صراع بين دمعتي وابتسامتي……فصدع صوت الاذان يذكرني بأني جئت ملبيه لندائها جئتها أحمل حلمي  وصلواتي ان يرزقني الله بيافا يوما ما….عسى ان تحمل باسمها وملامحها كل تفاصيل يافا وسحرها لتكون صوتها وترويها وتغنيها لكل مشتاق ضاقت به السبل الى يافا فيراها فيها……فابنتي ستكون منارة يرويها من يبصر نورها ولا ينساها

2 Comments

Filed under Uncategorized