جمعنا مشرقنا ليسند غربتنا …..في ارض ما رأينا فيها ما يشبهنا ولا يغوينا ….لا رأينا فيها تفكرٌ بمنطق ولا حق ينطق ! بل رأينا فيها ارواحنا تتلاقى لتسعدنا وتهدينا وتشفينا وتشفع لنا في بلاوينا
كانا سندي ومددي بكل لحظة وخطوة وشدّ…كانا ملاذي في فرحي وضياعي في جنوني وغضبي في شوقي وشقائي في تعثري وتسارعي في وجعي وقوتي في فضولي وخوفي في غنائي وسكوني في كل تجربة ولحظة وثانية عشتها في غربتي …هما رزقي من الله وصاحبٌ بالسفر
فيهما اختلاف الليل والنهار….فيهما مرح ومرار…. فيهما قسوة وحنان… فيهما سذاجة وشهامة… فيهما شباب وشياب … فيهما بركان وجمود…فيهما فيضان وجفاف….فيهما أمل وخوف….فيهما كل الحب وكل الحرمان…….فيهما سنفور غضبان وسنفور فهمان…مسلسل مغامرة درامي كوميدي خيالي
احداهما شريكي بالصراع….نكافح بيومياتنا وقوتنا….نثور نتمرد ننفجر ولا ننكسر….باتت اولياتنا واحدة…..هروب باقل الخسائر …..ولكنه الشجاع الثائر عازم على البقاء والشقاء …….هو العاشق الولهان…. المتيم الحيران….قلب طيب مرهف….لوكندا ٤ حجرات…بيموتو كرماله الحسناوات….حنون حساس بيحبو البنات زي الالماس …..وهو المسكين الغلبان …..التائه التعبان….دونجوان وسلطان …..روسي اعجمي ….ذواق موسيقي…..شاعر في زمن النسيان ….ولا تسعفه كلماته ولا لغاته لحل ازماته….بل يكتبها ويوثقها ويغرق فيها …. ساعات يقضيها على اطلال الذكريات…..ابتسامات ونظرات تعج بالشوف والشغف والاهات……قصص وحكايات تنساه ولا ينسيها… قضيتنا الاولى….حياته سفينة تغرق وقد عزمنا ان نسانده ونرسيها في ميناء طرابلس ومن فيها
والاخر شريك بالفكر والهوية….عاقل مجنون…. فلا يغرك به السكون فهو كبحر عميق مهما نظرته شعرت بالسكينة والامان…..وان عاشرته رأيت الموج والطوفان….يمر كنسمة تترك فيك اعصار…..لا يرضى بالقليل ولن يكون عابر سبيل …..كثير التعمق وقليل التعلق ….مغامر مغوار… …رفيق درب ومقاتل عنيد….لبق وحدق….. حنون وتسحره لغة العيون ….تسبق كلماته خطواته كما يسبق هو جيله بمراحل… واثق الخطوات وقائد المغامرات….تأتمنه على نفسك فيحلق بك عالياً وتغدو انت سلطان…
تشرق شمسنا بعد الدوام لتبدأ رحلة الرقص على انغام يومياتنا وتطربنا اغانينا باصواتنا الشجية تفلق الصخر والنهر…تارة نرقص وتارة نبكي واخرى نضحك هستيرياً ونواسي بعضنا….هائمين جائعين نبحث عن مأوى يقيتنا ونعيش به تجربه مختلفة عن يومنا…بعض اللذة في لقمة هنية تنسينا هموماً جلية….متفقين على خوض تجارب الطعام وكسر قوالب الاطباق لنعيشها بحلوها ومرها ….نتشارك بالاطباق والافكار والذكريات …فلم يجمعنا العيش والملح بقدر ما جمعنا دبس الرمان والباستا … صراعنا الابدي… الكثير من الاكل والكثير من الخطوات…..حوارات وحوارات عن زحف مقدس في الاسنصيرات او على الدرجات….ونختتمها بهلوسات الليل في جلستنا الختامية من كل يوم…زبدة الحوار والانفجار
من بين كل الخروجات….يغوينا النيل…. يستقبلنا بحفاوة في كل مرة….يرى شوقنا وضياعنا باعيننا…….ويأخذنا بامواجه الناعمة إلى جزر خاوية بدواخلنا وانفسنا….. نلتقي بروحنا مجردة من الاحكام والتوقعات…مجردة من الواقع والالتزامات….لحظات صفاء وسكون……نتصارح خلالها وقد لا نتصالح …لكننا نترك خلافنا بين ثنيايا ضفافه لنعود اخف حملا واخف شوقا
او تأخذنا الريح لاستكشاف مدن جديدة وعالم اخر بعيدا عن ضجيج المكان وصخبه وسحاباته الداكنة…نبحث عن سماء زرقاء وبصيص أمل بالبر والبحر ……عشنا خيبة امل ببور سعيد…ما وجدنا فيها اي عيد… سمش ساطعة احرقتنا ومع غروبها كنا قد انهكنا لنعود ادراجنا تاركين العيد وراءنا !
كان لي من الاسكندرية حصة الاسد! فهناك البحر والقلعة والحمام!…..داب قلبي في يوم استثنائيا سبق يوم عيدي….خطط وتكتيكات وبسذاحتي انا وقعت….وببالوناتي وسعادتي حلقت…..وبحبهما غمرت
وعلى غفلة اخدتنا الامواج الى دهب….وما ادراك ما دهب…..بثوانٍ اخذتنا على حين غرة لتسرقنا من واقعنا ونعيش حلماً من السكون والهدوء والتأمل…..غُصنا باعماقها واغرقنا همومنا ببحرها….ضِعنا بجبالها الحمراء الخضراء وتركنا ورائنا كل رث ومهترء من حياتنا……صدع صوتنا بسمائها…غنينا ونادينا ورقصنا على انغام املنا وحياتنا….داعبنا رمالها واسماكها….. كما داعبت عيوننا ملامحها الساحرة….تجاربها المجنونة….همساتها المترمدة ……هوائها البارد…سمشها الدافئة….ولحظاتها الحنونة…
وادركنا اننا مشرقيين متمردين….يجولون في الارض محبة وسفر….. في البر والجو والبحر …..ستأخذنا الدنيا بعيداً بين الحين والاخر….فلن تفترق ارواحنا الى حين تجمعنا الحياة جسداً مرة تلو الاخرى…. لنرسم تجارب جديدة ومغامرات بعيدة….ونترك في كل مكان لنا اثر……