سند ومدد


جمعنا مشرقنا ليسند غربتنا …..في ارض ما رأينا فيها ما يشبهنا ولا يغوينا ….لا رأينا فيها تفكرٌ بمنطق ولا حق ينطق ! بل رأينا فيها ارواحنا تتلاقى لتسعدنا وتهدينا وتشفينا وتشفع لنا في بلاوينا

كانا سندي ومددي بكل لحظة وخطوة وشدّ…كانا ملاذي في فرحي وضياعي في جنوني وغضبي في شوقي وشقائي في تعثري وتسارعي في وجعي وقوتي في فضولي وخوفي في غنائي وسكوني في كل تجربة ولحظة وثانية عشتها في غربتي …هما رزقي من الله وصاحبٌ بالسفر

فيهما اختلاف الليل والنهار….فيهما مرح ومرار…. فيهما قسوة وحنان… فيهما سذاجة وشهامة… فيهما شباب وشياب … فيهما بركان وجمود…فيهما فيضان وجفاف….فيهما أمل وخوف….فيهما كل الحب وكل الحرمان…….فيهما سنفور غضبان وسنفور فهمان…مسلسل مغامرة درامي كوميدي خيالي

احداهما شريكي بالصراع….نكافح بيومياتنا وقوتنا….نثور نتمرد ننفجر ولا ننكسر….باتت اولياتنا واحدة…..هروب باقل الخسائر …..ولكنه الشجاع الثائر عازم على البقاء والشقاء …….هو العاشق الولهان…. المتيم الحيران….قلب طيب مرهف….لوكندا ٤ حجرات…بيموتو كرماله الحسناوات….حنون حساس بيحبو البنات زي الالماس …..وهو المسكين الغلبان …..التائه التعبان….دونجوان وسلطان …..روسي اعجمي ….ذواق موسيقي…..شاعر في زمن النسيان ….ولا تسعفه كلماته ولا لغاته لحل ازماته….بل يكتبها ويوثقها ويغرق فيها …. ساعات يقضيها على اطلال الذكريات…..ابتسامات ونظرات تعج بالشوف والشغف والاهات……قصص وحكايات تنساه ولا ينسيها… قضيتنا الاولى….حياته سفينة تغرق وقد عزمنا ان نسانده ونرسيها في ميناء طرابلس ومن فيها


والاخر شريك بالفكر والهوية….عاقل مجنون…. فلا يغرك به السكون فهو كبحر عميق مهما نظرته شعرت بالسكينة والامان…..وان عاشرته رأيت الموج والطوفان….يمر كنسمة تترك فيك اعصار…..لا يرضى بالقليل ولن يكون عابر سبيل …..كثير التعمق وقليل التعلق ….مغامر مغوار… …رفيق درب ومقاتل عنيد….لبق وحدق….. حنون وتسحره لغة العيون ….تسبق كلماته خطواته كما يسبق هو جيله بمراحل… واثق الخطوات وقائد المغامرات….تأتمنه على نفسك فيحلق بك عالياً وتغدو انت سلطان…


تشرق شمسنا بعد الدوام لتبدأ رحلة الرقص على انغام يومياتنا وتطربنا اغانينا باصواتنا الشجية تفلق الصخر والنهر…تارة نرقص وتارة نبكي واخرى نضحك هستيرياً ونواسي بعضنا….هائمين جائعين نبحث عن مأوى يقيتنا ونعيش به تجربه مختلفة عن يومنا…بعض اللذة في لقمة هنية تنسينا هموماً جلية….متفقين على خوض تجارب الطعام وكسر قوالب الاطباق لنعيشها بحلوها ومرها ….نتشارك بالاطباق والافكار والذكريات …فلم يجمعنا العيش والملح بقدر ما جمعنا دبس الرمان والباستا … صراعنا الابدي… الكثير من الاكل والكثير من الخطوات…..حوارات وحوارات عن زحف مقدس في الاسنصيرات او على الدرجات….ونختتمها بهلوسات الليل في جلستنا الختامية من كل يوم…زبدة الحوار والانفجار

من بين كل الخروجات….يغوينا النيل…. يستقبلنا بحفاوة في كل مرة….يرى شوقنا وضياعنا باعيننا…….ويأخذنا بامواجه الناعمة إلى جزر خاوية بدواخلنا وانفسنا….. نلتقي بروحنا مجردة من الاحكام والتوقعات…مجردة من الواقع والالتزامات….لحظات صفاء وسكون……نتصارح خلالها وقد لا نتصالح …لكننا نترك خلافنا بين ثنيايا ضفافه لنعود اخف حملا واخف شوقا

او تأخذنا الريح لاستكشاف مدن جديدة وعالم اخر بعيدا عن ضجيج المكان وصخبه وسحاباته الداكنة…نبحث عن سماء زرقاء وبصيص أمل بالبر والبحر ……عشنا خيبة امل ببور سعيد…ما وجدنا فيها اي عيد… سمش ساطعة احرقتنا ومع غروبها كنا قد انهكنا لنعود ادراجنا تاركين العيد وراءنا !
كان لي من الاسكندرية حصة الاسد! فهناك البحر والقلعة والحمام!…..داب قلبي في يوم استثنائيا سبق يوم عيدي….خطط وتكتيكات وبسذاحتي انا وقعت….وببالوناتي وسعادتي حلقت…..وبحبهما غمرت

وعلى غفلة اخدتنا الامواج الى دهب….وما ادراك ما دهب…..بثوانٍ اخذتنا على حين غرة لتسرقنا من واقعنا ونعيش حلماً من السكون والهدوء والتأمل…..غُصنا باعماقها واغرقنا همومنا ببحرها….ضِعنا بجبالها الحمراء الخضراء وتركنا ورائنا كل رث ومهترء من حياتنا……صدع صوتنا بسمائها…غنينا ونادينا ورقصنا على انغام املنا وحياتنا….داعبنا رمالها واسماكها….. كما داعبت عيوننا ملامحها الساحرة….تجاربها المجنونة….همساتها المترمدة ……هوائها البارد…سمشها الدافئة….ولحظاتها الحنونة…

وادركنا اننا مشرقيين متمردين….يجولون في الارض محبة وسفر….. في البر والجو والبحر …..ستأخذنا الدنيا بعيداً بين الحين والاخر….فلن تفترق ارواحنا الى حين تجمعنا الحياة جسداً مرة تلو الاخرى…. لنرسم تجارب جديدة ومغامرات بعيدة….ونترك في كل مكان لنا اثر……

Leave a comment

Filed under Uncategorized

في قلبي حجرة ليافا


ليس لقائي بيافا هو يوم عادي……ولا يشبه اي موعد استقيظ صباحاً لاقرأه في اجندتي اليومية…..في يومي هذا….اسبق روتيني وجدولي وتبدأ شحنات الطاقة والحب والشغف منذ أول لحظة ابصرت فيها النور….فعليّ أن اكون على درجة عالية من الرتابة للقاء يافا…..علي ان اكون على قدر المسؤولية لاتنفس سحرها….وعلي ان اكون قوية لاواجه واقعها……
وهل انا فعلا استحق ان اسمي ابنتي يافا….هل اعرف ما يكفي من قصصها….تاريخها….مدها وجزرها…..هل ستحمل اسمها ام هو من سيحملها؟…..فكيف ستكون ابنتي يافا!؟؟ ايحق لي ان اعيش حلمي؟…..حتى لو لم تخلق يافا او حتى لو لم اعرف من سيكون والد يافا بعد؟فهي حبي وأملي تتربع في حجرة قلبي…رسالتي وقوتي وصوتي وايقاعي….وطموحي وشغفي…ستحفر مكانها في العالم ليكتبها التاريخ كما كتب يافا
يافا2

اتخيلها كثيراً واراها في وجوه الاطفال وبرائتهم….اتوق لاناديها واحضنها واهديها كل ما فيّ….استطعت ان ارى ملامحها خلال اخر زيارة لي ليافا…..حبيبتي ستكون حنونة تحتضنني كما تحتضن يافا البحر وأهلها…..جبارة، مجنونة كأمواجها لازالت تحمل غضب وقهر أهلها ولا تسكن الا اذا ناديتها باسمها……يافا…..عربياً قوياً فتأمن وتهدأ وتنظرك….لن تقوى على الصمود في عينيها ففيها حدة البحر والشجر والحجر يلتقيان في صورة تتجلى في مطلة يافا….مأذنة مسجد تقف شامخة تروي صمود اهلها…..ترى منها الحاضر والماضي ….فقد صلى اهلها هنا قبل ان يسحبهم طوفان الاحتلال ويبقيهم في حسرة …..ترويها وتبكيها عيون السبيل حول مساجدها….فيشربها المارة لتسكنهم ويسكونوها…..تسحرهم فلا ينسونها……شعرها أصفر برتقالي بلون حمضيات يافا والتي باتت ذكرى فلا تراها الا قليلا وتواسيك نسمات الهواء برائحتها لتذكرك وتهديك لحظة صفاء تعيدك لما قبل النكبة وابعد….

اسيكون شعرها أملس كرملها تبعثره اقدام الاطفال وهم يلعبون على الشاطئ تحمل ضحكاتهم سفنها لبقاع الارض كافة….فمنهم يرى البحر لاول مرة فتكسر ضحكاته حدود السماء وفي قلوبهم طاقة تشق البحر ليغرقوا فيه دموع أهاليهم وحسرتهم و يرسمون خارطة فلسطين بعرض البحر….ليأتيهم طفل اخر لايدري كيف جائته الظروف هنا يلبس قبعة لتقيه حرقة الشمس فلا ينتمي لاي مكان ولا يرى حوله الا طغيان فيعيش لحظاته بسذاجة يمشي على خطى أبويه يهدم قصوراً رملية غير مكترث بساكينيها وتاريخها فلا قلبه يعرف قوة السماء وقد تعود على كتابة تاريخه من وحي والمكان وهو الغلاب في هذا الزمان…..

وقد يكون شعرها اشعث كشجرها ونباتها يتدلى من شبابيكها وشرفاتها ملتف على نفسه كالجدائل تتخلله الورود الملونة تروي قصة عشق يافا كومضات أمل تبصرها في كل مكان…..بشرتها بيضاء رملية كحجار بنايات يافا العتيقة متراص بقوة يحافظ على ما تبقى منه….شفتيها مرسومة بخط عربي  كتلك الحروف العربية التي زينت بناياتها

9888770d-a1e3-47b1-9356-91053c58d59d.jpg

ستكون ابنتي متمردة بقوة نداء الصلاة في ساحات يافا….صوت يعلوا فوق صوت خفقان قلبي….”الله أكبر” تداعب اجراس كنائسها وليشكلان قوة هزت كيان زائريها وأهلها…..بين انعكاسات التهويد وافواج الزوار من الغرب والشرق…..وكأنهما لايشبهان أي نداء للصلاة…وكأنهما نداء شوق وحب لأهل يافا….نداء حنين وعشق….دافئ كأشعة الشمس….جاء يواسيني فمنذ وطئتها ومشيت خطواتي الاولى….اناظرها واحيها…..سرعان ما ضقت واختنقت كلما رأيت زاوية لا تحمل اسماً عربياً وبيت لا يسكنه فلسطينياً ووجوه تختلف ملامحها وثقافاتها….وفي قلبي صراع بين دمعتي وابتسامتي……فصدع صوت الاذان يذكرني بأني جئت ملبيه لندائها جئتها أحمل حلمي  وصلواتي ان يرزقني الله بيافا يوما ما….عسى ان تحمل باسمها وملامحها كل تفاصيل يافا وسحرها لتكون صوتها وترويها وتغنيها لكل مشتاق ضاقت به السبل الى يافا فيراها فيها……فابنتي ستكون منارة يرويها من يبصر نورها ولا ينساها

2 Comments

Filed under Uncategorized

لثلاثون عاماً لم اعرف أمي كما عرفتها كجدة……


WhatsApp Image 2018-12-13 at 10.10.51 AM.jpeg

ناديا، ندوش، الوحش الكاسر، أسماء تحملها ابنة اختي نور بثلاثة أعوامها التي غمرتنا بها بالحب والجنون والدلال، تلك حفيدتنا الاولى، نقطة ضعفنا ومليكة القلوب والمكان، هي غيرت في موازيننا واخرجت كل ما فينا، فأنا كخالة لم يتفوق اي احد في حياتي على محبتها ومعزتها، وصار ميزان حياتي نصفين، نصفن لناديا ونصف لأمي
اليوم لن اكتب نفسي، سأكتب عن علاقة أنصافي ببعضهم البعض، فتلك المراوغات والمناوشات هي فلفل حياتنا

اليوم سأكتب أمي، القوية الرقيقة الجبارة الحساسة العكسرية الحنونة، قدوتي وملهمتي، هي الجميلة الانيقة والمفعمة بالطاقة وأنا التي كنت اقول لها، قبل ان تولد ناديا  “لن اتخيلك جدة! فانت في عز صباكي وسيوحى هذا اللقب بانك اكبر سناً وأقل حيوية وهمة، بامكانك التخلي عن لقب تيتا وتناديكي ناديا باسمك”……. كم كنت مخطئة…. فكانت كلمات ناديا الاولى ” تِيتا شرين” مع كسر التاء، اجمل ما تلفظت فيه، وكانت أنغامها ترقصنا السامبا بجنون وتأخذ أمي برحلة على جزر المالديف ترقص قلبها وعقلها، وهي تتوق لها وتتشوق لسماعها، ولطالما ذكرت امي ان لقب “تيتا” هو أفضل ما حملت ويكتسب بعناء وليس مجرد لقب بل مسؤولية مشتركة بين طرفين يتبادلون الادوار في العطاء والمشاركة

في منزلنا قواعد وتعليمات، متحف من المقتنيات التي جمعها والداي على مدى سنين كل في مكانه يروي قصته وتاريخه، أصبحنا جميعنا لدينا شغف في الفن وقيمة القطع وقصصها وتاريخها عندما كبرنا ووعينا…….ففي طفولتنا! كانت الصالونات من المناطق المحرمة، لم نجرء قط على التجول فيها ولا لمس اي ذرة فيها، فنحن نوقن حساسية الامر بالنسبة لامي وهي لم تغير اي شي من ترتيبها حتى في طفولتنا، لاقتناعها انه علينا نحن ضبط نفسنا ومقاومة العبث بأشيائها وليش العكس! وذلك ما كان لسنين طويلة

وجائتنا نادياً، الفضولية المشاغبة “اعصار تسونامي المصغر” التي لا تترك زاوية في المنزل الا وتريد استكشافها والتخفي فيها، اوتعلمون المفاجأة؟  ذابت القوانين والتعليمات…. ذابت كملح في ضحكات ناديا وصرخاتها في المنزل وهي هاربة من أمي! التي تلعبها الغميضة! كسرت ناديا برستيج الصالونات وكل المساحات المحرمة…..كسرت كل القوانين…….. ولكنها لم تكسر شيء من المقتنيات والتحف بعد! على الاقل في منزلنا، لكنها لم تترك قطعة الا واستكشفتها ولم تترك جرساً الا وحركته ولعبت به، ونحن مشدودين وأعصابنا تنهار كلما اقتربت من شيء، “نحن” هنا  تعود علي انا وأخواتي! فأمي تكون في عالم اخر…..بعيداً كل البعد عن اي ضغط او توتر…… لم تعد ترى شيء أغلى من” ضحكاتها وغمراتها!” ولا قيمة للجمال مقارنة بنظرات ناديا الفضولية وبما تريد أمي ان تعلم لناديا من أهمية الاستكشاف والتعرف على الفن عن قرب ……مخاطرة بأغلى مقتنياتها…… كسرت ناديا برستيج أمي وانعشت ذلك الطفل فيها…. جعلتها تفترش الارض لتكون قريبة منها وتخاطبها بمستوى طولها……فتلاعبها وتداعبها عن قرب……فهي أيضاٌ رفيقتها بالمحل وتختار ما تحب من قطع لتشاهدها هي وأمي ويختلقون قصص حول القطع….. أمي مقتنعة ان ناديا ستكون مثلها تقدر الفن والجمال… وكلنا نراها مستمعة بالدلال واستغلالية احيانا! وترى أمي في اليوم الثاني بعد انتهاء الاعصار تجول في المنزل وتبحث  بشغف عن اثار اقدامها التي ملئت المكان! والابتسامة لا تفارقها! هذه أمي كأي أم لديها مواصفات الترتيب والنظافة الخاصة والتي قد نتجادل فيها عندما تضغطنا وهي لم تتنازل عها بحياتها! ولكنها ما عادت ترى اثار ناديا الا فسيفساء تجمل الاسطح……لوحة فنية رسمها بيكاسو في منزلنا…..فن من النوع الذي يبهرها…… فترى على الطاولات اثار ايديها وهي تحاول الوصول للقمة واثار اقدامها في الاسفل ، رؤوس اصابعها  كاثار قطة منتشرة في كل الزوايا وهي تستجيب لفضولها وترفع جسمها وفي كل مرايا المنزل وشحات انفاسها وقبلاتها وانعكاسات مسرحياتها سبحان الله…..تلك القوة الجبارة التي اغرقتنا في العابها وهيهامها

فناديا ليست طفلة ساذجة فهي تعلم جيداً مراكز القوة والسيطرة وتستهدفها بذكاء حيث تدرك انها كلها لأمي في المنزل، فهي تختار مقعدها وفنجانها وسريرها وكأنها تريد السيطرة او مشاركتها بكل شي! كخيالها تكون تلاحقها وتقلدها بكل شي كببغاء تعيد الكلمات والتعليمات علينا، فهي في حضن جدتها وتتحامى بها وتعلم ان الجدال والمراوغة ليسوا خيارا جيدا بالنسبة لنا وانها سيحميها احترامنا لامي  وحصانتها…. تعرف جيدا نقاط ضعفنا ووقد اتخذت من أمي رفيقة وصديقة وجدة وام واخت لا تملها ولا تضجرها واحيانا ندها!! ويأخذنا وقت لنقنع ناديا بأهمية التفريق ما بين “تيتا” الجدة وبرستيجها و”تيتا” رفيقتها! فهي تخلط الامور أحياناً وتضيع لتفقد السيطرة وتتمركز هي في القيادة وتتنحى لها أمي لتستمتع في رؤويتها تعيش الادوار وتتصرف كنسخة مصغرة منها ونحن ندفع الثمن !

فكل ما يخص ناديا هو أمر شخصي حساس بالنسبة لامي ولا يجدر بنا التلاعب بمشاعرها تحت اي ظرف، فهي لا تغفل عنها لثوان حتى وهي في المنزل وكأنها تحتاجها….أمي تحتاجها وليس العكس…وتخبرنا انها تعيش معها بسلام لان ناديا عبارة عن بركان من الحب والبراءة لا تحمل اي سوء في قلبها سوى كل ما هو جميل ولا تجامل….. بل تجادل وتعاند وقد تعاقبها وتهددها اذا اشتد الخلاف ! مرة قالت ناديا لأمي” لا اريد اللعب معك ولن أضمك ولن أقبلك، ها!” وكانها تقول لها أغرقي في حسرتك فانت محرومة من الحنان! يا الله قمة التجبر والجنون من هذا المخلوق الصغير! وقد تأخذها دقائق لتعود بمراوغة امي وتصلحها
أصبحت ناديا هي بوصلة حياتنا، تعريف الجمال: خصلتين ناعمتين مضمومتين كالقطة على أطرف راسها ووجه مخملي ناعم متمرد تحمر وجنتيه عند الانفعال وتعلوه عينتين ثاقبتين تبرقان في شغف اذا زاد الحماس وتفاصيل صغيرة لاترى في العين المجردة بل يبصرها القلب في ايديها واقدامها وصوتها الحاد الذي يصدح كاجراس العيد في المنزل يعلن بدأ الاحتفالات……..  فكل التفاصيل ترتبط بما تحبه الوحشة الصغيرة وما تكره ونحن في عمر الثلاثين  لم نرى ضحكات من قلب أمي ولا طاقة وحيوية وشباب وطفولة وحنان كما رأيناه في حب ناديا…… عسى ان يحفظهما الله من كل سوء ولا يحرم منهما احد، لا جدة وأم ولا حفيدة

Leave a comment

Filed under Uncategorized

البحث عن الحياة في غزة الاستثنائيةع


كانت أمنية احملها معي بين قوائم أماني السنوية… فقد كنت محظوظة بعد عدة محاولات بحصولي على تصريح لدخول غزة لبضعة أيام كجزء من عملي……فأنا كأغلب الفلسطينين احلم بالوصول لكافة مدننا وقرانا المحتلة أو المحاصرة والتي تعتبر جزء لا يتجزء من هويتنا وكياننا ولكننا محرومون من الوصول اليها على الرغم من أننا عشناها بلحظات معاناتها وحروبها وكم افتخرنا بها وبانجازاتها وابداعها، قابلت أصدقاء وزملاء غزيون استطاعوا الخروج من غزة وكانوا فعلا مميزين وقرأت مدونات وتغريدات لغزين مبدعين…فتلك معطيات ما كانت إلا تثير فضولي أكثر وأكثر…..وهنا جاء اليوم المنشود وقد حزمت أمتعتي بشوق وحزمت مشاعري المتلهفة لذالك القاء…….على الطريق من القدس حتى معبر ايرز كانت تراودني احتمالات اللقاء وصور وتخيلات وكان بمحيط أراضٍ زراعية ومساحات خضراء محتلة لطالما كانت تسحرني بالصور ولكن بحكم سيطرتها الحالية من قبل المحتل لم تأسرني وكأنني استنكر جمالها……كنت افكر بما ستخفيه الساعات القادمة واستنظر جمالًا فلسطينياً بمقاييس مختلفة …لقد كان مؤشر اقترابنا من الحدود منطاد بالون طائر يحمل كاميرات مراقبة كنا نقترب منه اكثر واكثر وكانت تزين السماء رسومات بادخن طائرات الاحتلال عرفت لاحقاً انها رسائل صامتة يرسلها الجيش لتذكير الغزين بسيطرتهم على السماء! …….وصلنا لبناية المعبر وشباك تسليم الجوازات، للحظة تشعر بالضياع فليس هناك الكثيرين ليرشدوك على الرغم من وجود لوحات ارشادية قد لاتجيب على تساؤلاتك بالخطوات التالية ومع التخوف من التوجه للباب الخاطئ او المكان الخاطئ تكتمل الصورة النمطية للاحتلال….. تفيش الجواز روتينيا داخل كبينة مغلقة من الجانبين وتفتح الكترونياً وكأننا حيوانات للفحص يخافون فرارنا! والحمد لله كان هو آخر جندي تراه في المعبر لان باقي المراحل عبارة عن بوابات واشارات ضوئية وبوابات حلزونية  او ما نسميها”معاطات” تدخلها انت وحقائبك اذا كانت صغير وقد تحتار بطريقة ترتيبك لنفسك وحقائبك بتلك المساحة المحدودة على الرغم من وجود بوابات جانبية للعربات المحملة بالحقائب…. وتنتهي المرحلة وانت لم تدرك.. تصل ممراً خارجياً مفتوحاً طويلاً نسبياً محاطاً بالشبك على الجانبين قد يتطلب منك عبوره عشرون دقيقة من المشي السريع انت وحقائبك طبعاً! وبمنتصف الطريق تكتشف وجود سيارات كهربائية منحت من دولة اجنبية لتعمل على نقل المسافرين عبر هذه الممر ولكن قد لا تعمل خلال فترة عبورك…خلال سيرك تبدأ عيونك باستكشاف مساحات برية خضراء وبعيداً بالافق ترى منازل من الطوب تلهيك عن المشقة وترتسم على وجهك ابتسامة الانتصار بعبور اول نقطة ورؤية اطراف خيوط مدينة غزة……بعد ذلك الطريق تصل الي استرحة……. مقاعد انتظار وكافيتيريا وتصدف ان يتلاسق شباك الكافيتيريا بشباك تفتيش السلطة الفلسطينية، فبعد الاسئلة الروتينية وبدون اي نظام قادمين او مغادرين، هي نفس نقطة التوقف تستنتج انه عليك ان تأخذ تكسي لتصل لمنطقة تفتيش سلطة حماس بعد ثلاثة دقائق بالسيارة، غرف ومساحات اكبر وشباك منفصل  تتقل بعده لغرفة شرطيات لتفتيش حقائبك بكل ود وانفعال باستقبال زوار جدد، وروتين قد مللنه الشرطيات اصلا  وبعدها تدخل بوابة غزة….. كنت انوي البحث عن الحياة بغزة …نعم ادرك حجم المعاناة وادرك تماماً المأساة والدمار الذي حل بها وبأهلها ولم يكمل نهر الأمل والحياة بأي صورة شاهدتها إلا وانقطع باثار الحرب والدمار في المحيط ولكنني اصريت ان أبحث عن كل ما هو جميل في غزة وقد اذهلتني باستثنائيتها وجمالها…..نعم غزة جميلة جداً وليس جمالها بفنون معمارية ولا برفاهية تفاصيلها…. فعلى الرغم من كل ذلك الدمار والخراب وحتى الحزن والمأساة والتعب والانهاك بعيون الغزين ولكنها لم تخفي عزّ تلك المدينة ولم تردع أهلها من البحث عن سبل الحياة والتجدد ولم تستطع الحدود والاسلاك الشائكة ان تأسر قدراتهم كما أسرت احلامهم وطوحاتهم…..لم تسلم المنازل ولا البيوت ولا المدارس ولا اي بقعة من اثار الحرب…..وكانت اكبر اثارها بقلوب الغزيين…..تلك القلوب الطيبة والرائعة الكريمة  فلم ارى طاقة اروع ولاضيافة وحب كتلك التي بقلوب الغزيين…… كانوا يبذلون كل الجهود لـأرى بعيونهم اجمل ما في غزة ومنهم من خاف علي من الحزن والكآبة اذا زرت المناطق المدمرة…..ولكني أصريت ان ارى غزة بكافة محاورها لتكتمل بعيوني الصورة…. ويخطف حي الشجعية ابتسامتي وحماسي وطاقتي لساعات وساعات….فقد كان حجم الدمار اكبر من اي انتصار…….. ويستمر انذهالي من قدرة سكان هذه البقعة التي تنبض بالحياة بما استطاعت اليه سبيلا جغرافياً غزة متنوعة حيث تتميز بالطبيعة السهلية وخلوها من الجبال والهضاب فهي ساحلية مميزة فيها المناطق السكنية الكثيفة في الوسط بالاضافة  لمخيم الشاطئ الضخم الذي لاتستطيع رؤية نهاياته وبدايته الذائبان بين شوارع المدينة، البنية التحتية لشوارع غزة بسيطة فالرئيسي منها تغطيه الزفته السوداء او احجار الارصفة المركبة، وترى الشوارع الفرعية من الرمال لشح الزفته وعدم توفرها، ويستخدم بعض الغزيون التُكتُك كوسيلة للتنقل او قد يلجأون للحصن والحمير لجر عربات صغيرة او كما نسميهم ترولات لنقل البشر والامتعة ، اغلب بيوتها من الطوب وتختلف بعض المناطق بالبيوت العمارات الحجرية المميزة وتستطيع تميز اللمسات المعمارية والتفنن حتى ببيوت الطوب التي تدهن بألوان مختلفة وترى ابراجاً كثيرة عالية ما سلم منها وما هدمت اجزاءه، احترت فعلاً كيف يصلها الناس مع الانقطاع المستمر للكهرباء فحالياً تنقطع الكهرباء كل ست ساعات وتعمل لست ساعات اخرى وهذا طبعاً حال المواطنين العادين أما الفنادق والمطاعم والمؤسسات والمقتدرين فيعيشون على المولدات خلال انقطاع الكهرباء فلا يشعرون بالمعانة الكبيرة، حتى انك قد لا تستطيع التقاط صورة لغزة ليللاً لانه تنصدم من حلك السواد وعدد النوافذ القليلة المضاءة متناثرة، في غزة شارعين رئسين يوصلان شمالها بجنوبها احداهما على خط البحر وهو ممول من منحة قطرية تستثمر ببنيته التحتية ليتم تحسين وضع الساحل والشواطئ وقد كنت محظوظة بلحظات جميلة على الكورنيش الذي يرتاده الغزيون بشكل كبير في الصيف، على امتداد طريق البحر جنوباً تصل لمناطق زراعية تختلف تماما بالتركيبة السكانية حيث المساحات الواسعة ومنازل بسيطة وعزب مع حدائق خارجية ومنازل حجرية فخمة، بنتشر النخيل في دير البلح بصورة رائعة وتستطيع الاستمتاع بتدرج الالوان بين المساحات الزراعية المختلفة علماً ان هذه المناطق كانت مهحورة بالحرب لانها مسحات مكشوفة ولما تم استهدافها. قطنت في فندق جديد على البحر وقد أذهلتني رفاهيته مقارنة بتوقعاتي البسيطة للواقع الغزاوي فقد كانت غرفه تحوي كامل اساليب الراحة والرفاهية كالفنادق العالمية وكلها مختومة باسم المفندق ( منتج محلي) وكان البحر وصباح الصيادين حكاية اخرى اسرتني وأيقذتني كل صباح قبل بزوغ الشمس على اصوات المراكب المتوجهة للصيد وترى البحر يتزين باضاءات المراكب وشوقي دفعتي لزيارة الميناء الساعة السابعة صباحا ذلك الميناء البسيط الملون بالوان زاهية ورسومات الجرافيتي تكحل أجزاءه، هرعت مسرعة لاقابل الصيادين واعيش لحظات عودتهم بالغلة والصيد وأغرق بجمال بحرهم المميزبفلسطينيته، انه مميز بكل قطرة تشهد على واقعنا وحياتنا، انه مميز لانه محدود الابعاد فهم يرون لك قصص المناصرين الذين جائهم من البحر ومنهم من يتذكر كم تستغرق المراكب للوصول الي قبرص وآخر لميناء اشدود، تلك الذكريات وذلك البحر الذي ترى فيه همومهم وشقائهم ومحاولاتهم لاستنباط الحياة منه ومن شمس المغيب…. ذلك الافق الوحيد بحياتم ونافذتهم للعالم اجمع يرسلون فيه رسائلهم مع الامواج وينتظرون طويلاً الردود والاهتمام…… في غزة على الرغم من بساطة التفاصيل الا انك لا تستطيع اهمال ثقافة السياحة الموجودة وخلال زيارتي استطعت ان ادرك حجمها الكبير مقارنتاًً بأي مدينة فلسطينية فقد كان واضحاً في كل مطعم تنوعت اطباقه العالمية وخدماته او حتى المقاهي ومحلات الحلويات ومنتجاتها انهم يعملون باكتفاء ذاتي وابتكار بالمنتجات والخدمات على الرغم من شح الموارد والامكانيات لكن غزة مدينة ساحلية فيها المنتجعات والشاليها الذي ترتادها العائلات صيفاً والمطاعم والكثير من البنية التحتية السياحية التي تعتمد حالياً على السكان المحلين الباحثين عن سبل الترفيه والترويح عن النفس بأبسط الطرق مع التحفظ على هداة البال والاريحية المطلوبة للقيام بكل الانشطة، وتعتمد تلك الاماكن ايضاً على موظفي وزوار المؤسسات الدولية والمانحين ورجال الاعمال والمستثمرين “لاعمار غزة”…… تلك الكلمة المتداولة بيننا……..فلم استطع أن المس اثر المبالع  التي سمعتها مراراً وتكراراً عن اعمار غزة…. فبعد حجم الدمار والانهيارات المتنوعة بالبينية التحتية والسكنية والاقتصادية بشكل كبير والتي مازالت أغلب معالمها كما تركتها اليات الاحتلال…. الركام والرصاص الذي يطرز البنايات اصبحت يوميات باجندة الغزين! فكيف لهم ان يتجاوزا تلك المرحلة وهم مازالوا يعيشونها كل يوم او يعيشون اثرها على عائلاتهم بشكل يومي مهما حاولوا تغير نمط حياتهم…..لعل الاعمار الكبير تجسد بترميم اجزاء صغيرة من المنازل وترقيعها برقع كميات الاسمنت المحدودة التي تم ادخالها مؤخراً لكنها تبقي صورة الدمار كما هي….وكم ستحتاج غزة لاعمار متنوع الاطراف فوالله لو تظافرات جهود الامة العربية اجمع لما استطاعت اعمار قلوب الغزين الذين خسروا ما لا  يقدر بثمن، فتلك العروس الساحلية الجميلة غزة ما عادت تتزين بالثوب الابيض بل اكتساها الحزن والاسى بقلوب تحاول نسيان لحظات وثواني من الحرب القاسية وما عادت تستطيع ان ترى جمال ما شوهت الحرب…… في غزة جمال استثنائي لن تسعفني كل الكلمات لاصفه، ولاتكفيني صفحات لاشاركه،  منه ما بحثت عنه في خلفيات اللحظات والصور وتاريخ المكان ومنه تشكل مع صخب حياتها اليومي وسعي سكانها لحياة افضل …….تجملت غزة بروح اهلها…..تجملت بخيرات ارضها وبحرها….تجملت بابداعات ساكنيها وصناعتهم للحياة …..وبدوره تجمل قلبي بوشم اسمها وبالمساحة التي احتلتها فيه……. تركتها وروحي متعلقة بها بعد ان استنزفت دقائقي ولحظاتي لأعيشها بصورة مختلفة وعشت ايام لن انسها بكافة تفاصيلها ……وعلي اكون قد انصفتها في وصفي هذا…..وكل امل بلقاء قريب بغزة الاستثنائية

 مي عبد الهادي 

27\2\2015

Leave a comment

Filed under Uncategorized

مين خميس؟…..فالكتاب لا يحتاج لشاحن


اعتقدت ان الخميس فقد رونقه من فترة ليست بقصيرة لما تحمله ساعات الاجازة الاسبوعية من مهام والتزامات غير رسمية كنت كد اقحمت نفسي بها ….وقد يزعجني الامر أحياناً الا انني اتقبله لانه كان اختياري ومازال يندرج تحت خانة الاختياري لا الاجباري( تطوعي بمسؤولية وليس تطوعي لا مبالي)  على الرغم ان ما يفرح القلب هي تلك الساعات الاضافية مع العائلة قبل ان تخطتفني نفسي لاموري الأخرى

كما أدركت ان الخميس يزداد سوءاً من زحمة الطرقات فهي الشيء الوحيد الذي يستمر بالنمو بلا توقف في دولتنا…لاسباب قد تعرفها او تجهلها حتى بعد ساعات من الانتظار…..وهي مزعجة لحد لا يوصف ان اجتمعت كافة الصدف لتزيدك احباطاً وكأن فيلاً قرر ان يركب عقارب الساعة….وانت تسبح بمسافة ضيقة بمقعدك ولاتمكلك الكثير لتفعل… في حقيبتي لا يوجد كتاب لاني لا أستطيع القرأة خلال التنقل فلم اعتد حمله يومياً، ولكن عزمت ذلك من اليوم اجبارياً،  فالتكنولوجيا لا تسعفنا بكثير من المواقف هذه احداها فالموابايل الذي يحوي الكثير ليقرأ او ليسمع كادت بطاريته على الانتهاء….وشحات قليلة على مؤشر البطارية تمنيت ان تصبر معي لوقت وصولي المنزل…اي بعدة ساعات…. ولا يوجد اي أثر لمؤشرات شبكة الاتصالات  لتكمل الحكاية…في حقيبتي بضع اوراق منها مقروءة مرات عديدة واخرى ليست صالحة للقرأة حاليا… تمنيت فقط كتاب صغير من عشرات الصفحات ليؤنس وحدتي….فبكل الاحوال الكتاب لا يحتاج لشاحن….وأنا من كانت تحتاجه بشدة… أمنياتي بعطلة اسبوعية مميزة وخميس أفضل ان شاء الله

4\12\2014

Leave a comment

Filed under Uncategorized

مسافرون….


 

مسافرون….

 

نبحثُ عن النّقاء..

لم نعد كما كنّا ولا هم كما كانوا..

تلك الأيّام تُغيّرُ في شكل الجبال

فكيف سنبقى نحن على الحال؟!

هذا محالٌ فالصّخرُ قد صرخ

وانهال عن الجبال..

فكيفَ سنثبتُ نحن في هذا الزمان!!..

يا لها من حياةٍ تشغلُ البال

وتتعب الحال

وكل جميل فيها محال..

 

نبحثُ عن النّقاءِ في بحر تزدادُ ملوحته بعدَ كلّ مساء..

ينتهي النّهار

وفي عتمة الليل يبدأ الحوار ..

ما الذي دار في الجوار؟

لماذا كانت تلكََ الغيمة السّوداءُ تخيّم على المكان؟

مسافرون هم في حياتنا

أم سيكونوا مواطنين؟..

 

تلكَ كانت أحداثُ النّهار..

إخفاقاتٌ ونجاحاتٌ..

دقائق يا ليتها لم تمرّ

وأخرى تخيّلتها ألف مرّة…

كلماتٌ كجريدةٍ نقرأها

ونعيدُ لمسامعنا ما استطبنا منها

ونغمضُ أعيننا

علنا نستحضر تلك اللحظات و المشاعر..

والبقية!!

فليذهب طيّ النسيان…

فغداً سيأتي من جديد…

بشمس جديدةٍ وريح جديد…

 

فلمَ علينا نحنُ أن نبقى القدماء؟!..

لن نكون …

فمن أراد الذهاب ليذهب ..

ليذهب حُرّاً طليقاً في ذلك الاتجاه..

لأنّي أنا سأسلك الطريق الآخر

ذلكَ فوقَ الجبال بين الغصون…

نعم سأمرّ على السّهول

ففيها أجد نفسي مليئة بالأمل والحياة….

وأعلم أن تلك الشّجرة ستدغدغني بأغصانها…

لا لن أمشي من الطريق الشّائك…

فجروحي التأمت

ولن تستطيع تلك الأشواكُ جذبي مرّةً ثانية …

فقد عرفت أيّ سربٍ من الطيور سيأخذني للمكان..

 

أتعلمون.!!

لم أعد أطيقُ التفكير…

تلك مئاتٌ ومئاتٌ الأفكار في بالي..

غريبةٌ هيَ حياتي….

فقد كانَ هنا من يملئ المكان

وآخرون في الجوار بالانتظار …

ومع مفاجئاتِ الحياة ومداخلاتٍ من كلّ صوب..

كان قصرُ الرّمال ينهار..

هو الأمرُ المنطقيّ لقصرٍ من الرّمال أن لا يدوم..

فقد كان مجرّد حبيباتٍ من الرّمال تراصّت

لترسم ذلك القصرَ الوهميّ..

لنعيشَ بزواياهُ لدقائق وساعات .

مع أفكارنا وخواطرنا

بعيداً عن الواقع وبعيداً عن النّاس..

فلن يدوم الحال…

نعم لم يدم..

تلك أول موجةٍ أتت وسحبت حبّات الرّمال

ممزوجة بمشاعرنا..

دموعنا…وابتساماتنا!! …

 

أصدقنا أن البحر سيهدئ يوماً؟ّ.

تلك كانت الكذبة الأكبر

لكن الله أكبر وأكبر..

وأنا أقوى وأقوى

فتلك الأمواج تصفع بقوة

ولصفعتها أثر

سلبيٌ على البشر

وإيجابيٌ على مدّ النظر..

 

احزموا حقائبكم وارحلوا بعيداً

خذوا كلّ حاجتكم

اسلكوا الطريق الأقصر

علكم تصلون لمبتغاكم في غير مكان..

ونحن هنا

لن نموت من دونكم

لا ولن نطيل التفكير بكم

اذهبوا لحال سبيلكم ..

فنحن موقنون بأنكم ستكونون بحال أفضل

فلا خوفٌ عليكم

لسنا المفضّلين لكم وكذلك لستم لنا

ونعلم جيداً أننا نستحق أكثر من منكم

أكثر من مجرد مسافرين

 

مي عبد الهادي
ايلول 2010

Leave a comment

Filed under Uncategorized

هي كانت


 هي كانت- رسالة موجهة لاختي الصغيرة في لحظة اختبار

هي كانت تلك الفتاة الساذجة …ذكية ومتفرغة …..فرحة بما لديها…..ضائعة في عالمها الخاص…تبحث عن نفسها بين صفحات كتاب….وترفض الاكتئاب…. تنفرد بصفاتها…سقف طموحاتها…. طاقتها وحيوتها ….تلك التي لم تكن مسقولة لفعل شيء سواها ……..تريد التمييز دائماً لكن لم يكن يوما بحساب…..ووسط كل هذه الحياة دخلت عالماً جديد…عالماً مليئاً بالاضواء….ليس فيه شيء مما اختبرت في صغرها … عالمٌ تختلط فيه المشاعر بالافكار….تختلط فيه السلطة بالقدرات ……هو كبيرٌ بلا حدود……تماماً كما كان حلمها…..كان عليها ان تحمل هويتها لدخول ذلك الباب…..فالمجهول ممنوع ……اشتدت عليها اللحظات…..توترت اعصابها, كلماتها……نعم ! أخيراً…… قررت ان تكون ربان السفينة…..فلم تكن يوماً غافلةً عن مقدرتها……كانت ترى نفسها دائما في المقدمة!! وهذا ما ستسعى له……..فهو من أقل طموحاتها…….من نظرة أخرى لم يكن ذلك طموحها وحدها….فقد كان الاخرين يشاركونها النظرات لمقود السفينة…وهنا كان التحدي! .كان في السباق الكثيرين!! منهم الطموحين الجديين وأخرين سلبيين لم يكن الفوز هو ما يطمحون..بل كانوا بخسارة الأخرين مترقبين…..طريقٌ لم تكن بالانسيابية ،ان صح القول…..لكنها كانت الاقوى والحق يقال…فقد كانت صبورة ّ هادئة! طاقتها هائلة…..ارادت ما تطمح بشدة ….ليس لمجرد القيادة ولا الظهور… فلم يكن ذلك من اولوياتها…..لكن ما كان بنفسها من مشاعر ايجابية في استغلال موقعها …وطاقتها..جعلها تذهل الاخرين…..كانت لا تكل ولاتمل…..أبداً لن تستطع أن تدرك أنها جديدة في هذا العالم!! وكانها ابنته منذ زمن طويل….كانت كمنارة للاخرين ….لم يكن نيلها القيادة مفاجئة لأحد….فللجميع كانت الاكثر جهداً وفاعلية!……. واستحقت التقدير والاحترام… ومن هنا بدأ النظام……هي في الامام والجميع في استقام…..كان كل العالم يدور بانسياب وامان….وهي ترقص أنغام النجاح وتحصد ما تعبت وزرعت…..ولكن دوام الحال من المحال…..فطالما هناك من يعمل جاهداً للوصول…فالصخور ستبدء تملئ الطريق!! وهنا يكمن الاختبار ……فالجميع يريد الخروج عن المسار…..منهم يفسدون من الجوار….غضب وغيرة بالديار…..وهي تراقب باحتيار….حلم يكاد ينهار……لم يكن هذا ضمن القرار….لكن قوتها لن تُحرق بالنار….فلربما ليس لدينا كوكب بديل لنعيش فيه! لكن دائماً هناك خيار!…… خيار خلف كل غبار السلبية التي يسيطر على الموقف…..فاما ان تتنحي لآقرب بحار! ……وتنرك خلفك العالم ينهار  …….أو أن تكوني كما أردت أن تكوني…صارمة في القرار……قوية لاتعرفين الفرار….. هي غيمة سوداء مرت على الديار….لكنك بعيدةُ عن الانكسار…هذا الذي كنت ترينه في الافق البعيد!! ولو استطعت لطلبت المزيد…تلك كانت هويتك التي أشبعتها بقدراتك وطاقتك….فأنت الوحيدة صاحبة القرار…
2\11\2011
مي عبد الهادي

Leave a comment

Filed under Uncategorized

بناتي هن حياتي


 بناتي هن مرشداتي الكشافة….فأنا قادة مجموعة كشفية للفتيات

هن لو بدأتُ بوصفهن لن تسعفني مفردات اللغة لأوفيهن حقهن….قصتي معهن غريبة بدأت  في الطريق من رام الله إلى نابلس…تاريخ قديم لم اعد اذكره بدقة…..بين صفحات الحديث…كان لي نصيب بالتعرف لمعلمة تربية إسلامية …..غير كل المعلمات وصِفت….طاقة ونشاط كان إطار كلامنا…طالبات في مقتبل العمر هن المستهدفات بتلك الطاقات… هناك ظهرت فكرة الفرقة الكشفية لمجموعة من البنات….ساعات وأيامٌ مرت وكان قد حان موعد اللقاء….لقائي بفتياتٍ وليّتُ بقيادتهن….ويا له من لقاء…لم أكن قد رسمت لهن أي صور في بالي…فما كان لدي من أفكار عنهن لم يكن كافياٍ لوصفهن….فافترضت أنهن كغيرهن من فتيات جيلهن…

لا… لم يكن كذلك أبداً….دخلت العنوان وإذ بهنّ يملئن المكان…..فتياتٌ فاتناتٌ متألقاتٌ….أثرن ضجيج بالمكان…فكنت أراقبهن بفضول كمعلمةٍ في امتحان…صارمةٌ كانت نظراتي تارة وأخرى ودودة فقد حيرنني….فبيننا ما يقارب عشر سنوات فرق في العمر ويكثرن…لقد كنّ أجيال مختلفة ومتنوعة…أسئلةٌ محيرة تحوم في رأسي….يكاد ينفجر من التفكير….كيف أخاطبهن….وكيف سأتعامل معهن….نظرات بريئة بدأت تخفف عني….ابتساماتٌ من جهة وغمزاتُ من جهة أخرى….أدركت اننهن لازلن في ذلك العالم…. عالم النقاء والبراءة واللعب…… عالمٌ تعلوه الضحكات وتكثر فية الاسئلة والاستفسارت ….. ولكل كلمة جواب…..وبه يستمر الاستجواب…. ويا له من عالم جميل… كان لي فيه بكل خطوة حساب…… فهن روح نقية بكتاب الحياة الصاخبة تقتدي بمن يمر بهذا الكتاب … وأنا لم ارد المرور بروح تهاب…. فقد أرت ان أكون لهن نوراً على ما بأنفسهن من روعة وابداع…..وبحمده الله أنار طريقهن ليكن هن نوري الآن…..

فها أنا الآن بعد مرور ما يقارب سنتين واكثر عن تلك اللحظات…تلك المخاوف وتلك النظرات…..ايقنت انني سرت على الدرب الصحيح……. الحمد لله …….وأن ذلك القرار كان من الاهم في مسيرتي…..فبناتي هن حياني…..أصبحن مائي وهوائي…..لاتكاد تمر لحظات بيومي من دون ذكرهن او التفكير بهن …. هن ملهماتي….. بابتساماتهن  استنبط نبض حياتي….. ارسم بخيوط افكارهن ملامح مبادرات لتغير مجتمعنا الفلسطيني….  أرى بعيونهن عزماً يحلق بي عالياً لاحلم بحياة يستحقها كل فلسطيني…. أشعر معهن ساعاتي لحظات وأكاد أنسى نفسي مراراً ….. منهن زهرات يزين حياتي …. اشعر ببريق عيونهن كأنها سيول من الطاقة تقويني ….. ومرشداتي المبدعات…. مختلفات ومميزات ….. يردن الحياة بثوان معدودات …. ومن خلالهن ستكون الحياة …..أراهن يكبرن ويتغيرن…. يلبسن ثوب العقلانية والوعي……. يصبحن مبادرات وفاعلات …..يحملون حملي وكأنك ياربي تكافئني…..فأنا على يقين بروعة لحظات النجاح التي يتخللها المتاعب….. ولان الله لن يضيع تعبهن ولاجهودهن سيكن هن التغير…..يتعبن ويعملن بجد لتحقيق اهدافهن….. يبنين ويزرعن بذور خيرهن بغيرهن …..يحملن مسؤولية مجتمعهن ورسائل خيرٍ زرعتها بهن ….وأنا سأبقى كما انا الآن أعيش لاجلهن .

مي عبد الهادي

1 Comment

Filed under Uncategorized

!مفهوم القيادة ب 150 كلمة


القيادة هي الالهام, ان تكون قادراً على ان تلهم الاخرين لتستثير قدراتهم وطاقتهم لتحقيق أهدفهم واستخراج مكننوناتهم  في مختلف جوانب الحياة وليس فقط المشتركة فيما بينكم, القيادة ان تستطيع العمل بروح الجماعة وتكون جزء من طموح مشترك حيث انت مولد النبضات وبدورك تبني مولدين اخرين لكتمل حلقة العمل باستدامة لتستطيع بدورك الانتقال لعالم اخر موقنٌ ان هناك من سيكمل الطريق  , فالقيادة هي اللامركزية وهي ان تستطيع بناء قدرات وقادة اخرين ليصبحو قادرين على التغير مؤمنين بانفسهم ورسالتهم ومبادئهم, هي قدرتك على ان تتعلم من الاخرين فتُعلِم ثم تعمل, وان تثق بهم بقدر ماتثق بنفسك واعياً بان الله هو القوى العظمى بالكون وليس لبني ادميٍ سلطة ٌ في تقسيم الرزق والأجل , فقيادتك لنفسك ولطموحك وجوارحك هي الامتحان الاصعب لان بعدها تنتقل لمرحلةٍ ترى نفسك بها من خلال الاخرين وانجازاتهم وليس من خلال انجازاتك الفردية, فبالقيادة السليمة انت تخلق تابعين فكريين وزملاء لا مرؤوسين, تؤثر بقوة تكبر بقوة زملائك لا بعددهم.

مي عبد الهادي
20\11\2011

Leave a comment

Filed under Uncategorized

سامح نفسك أولاً


كلنا بشر.. ولسنا معصومين من الخطأ … أخطاؤنا الحمد لله وان شاء الله لازالت بعيدة عن الكبائر…. فالله سيسامحنا ان تبنا وصدقنا …. ثم نحن نغوص بمشاهد درامية ان كنا بخطئنا قد اذينا ادمياً…..ندخل صراعات نفسية واجتماعيةٍ …تأخذنا بعيداً عن البشر! .. لماذا؟؟ لاننا اقترفنا ذلك الجرم الكبير؟؟أهو قلب انكسر؟؟ والله قلبي ليس من حجر… لكني ارى الامور من منظورٍ مختلف…..فكل انسان يخطئ ومن حقه على الاخرين فرصة أخرى اذا اعترف بذك وقدم اعتذاره … فبتلك اللحظة تجوز له المسامحة…ولاأعني هنا ان تعود المياه لمحجاريها…. لا هذا شيء متوقع لكن الغير متوقع هو التجبر بالمرء بحجة انك مجروح وأن تجرحه ألف مرة وتسبب له الاهانة وضعف النفس لمجرد أنه جرحك مرة فاسمح لي يا صديقي فانت لا تستحق العناء اذاً….لتذهب لعالمك الضبابي المثالي الخالي من الاخطاء  ولا تبحث عني فعالمي واقعي وفيه أخطاء….والله الخالق العظيم يسامحني وبدوري أسامح نفسي  ولن تكون يا ادمياً الا ذكرى تعلمت من خلالها ان اسامح نفسي أولاً  وأن لا انتظر شيئا من البشر…

مي عبد الهادي

19\11\2011

Leave a comment

Filed under Uncategorized, قلمي الحر